أبو الطيب المتنبي
(أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكندي الكوفي). هُناك
روايتان لسبب تلقيبه بالمتنبي، الأولى أنه ادعى النبوة في بادية السماوة
بداية شبابه، وهي الأكثر شيوعاً، والأخرى وهي رواية أبو العلاء المعري أنه
لُقب بالمتنبي كناية عن النَبْوَة وهي المكان المرتفع من الأرض.
في الجهل
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله
فأجسامهم قبل القبور قبور
وأن امرأ لم يحي بالعلم ميت
فليس له حتى النشور نشور
في الإقدام
لَولا المَشَقَةُ سادَ النّاسُ كُلُّهُمُ
الجودُ يُفقِرُ والإقدامُ قَتَّالُ
في الفخر
أَنَا الذَي نَظَرَ الأَعْمَى إِلَى أَدَبِي
وَأَسْمَعْتُ كَلِمَاتِي مَنْ بِهِ صَمَمُ
الخَيْلُ وَاللَيْلُ والبَيْدَاءُ تَعْرِفُنِي
والسَيْفُ وَالرُمْحُ والقِرْطَاسُ وَالقَلَمُ
فِإِذَاأَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ
فَهِيَ الشَهَادَةُ لِيْ بَأَنِّيْ كَامِلُ
في المديح
عَلَى قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأْتِيْ العَزَائِمُ
وَتَأْتِيْ عَلَى قَدْرِ الكِرَامِ المَكَارِمُ
وَتَعْظُمُ فِيْ عَيْنِ الصَغِيْرُ صِغَارُهَا
وَتَصْغُرُ فِيْ عَيْنِ العَظِيْمُ العَظَائِمُ
في الهجاء
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
في هجاء كافور الإخشيدي
إِنَّمَا النَاسُ بِالمُلُوْكِ وَمَا
تَفْلَحُ عَرَبٌ مُلُوْكُهَا عَجَمُ
لَا أَدَبٌ عِنْدَهُم وَلَا حَسَبٌ
وُلَا عُهُوْدٌ لَهُمُ وَلَا ذِمَمُ
بِكُلِّ أَرْضٍ وَطِئْتُهَا أُمَمٌ
تُرْعَى بِعَبْدٍ كَأَنَّهَا غَنَمُ
يَسْتَخْشِنُ الخِزَّ حِيْن يَلْمِسَهُ
وَكَانَ يُبْرِيْ بِظِفْرِهِ القَلَمُ
وَمِثْلُكَ يُؤْتَى مِنْ بِلَادٍ بَعِيْدَةٍ
لِيُضْحِكَ رَبَّاتَ الحِدَادِ البَوَاكِيَا
في الحكمة
إِذَا رَأَيْتَ نُيُوْبَ اللَيْثِ بَارِزَةً
فَلَا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيْثَ يَبْتَسِمُ
لَا تَحْقَرَنَّ صَغِيْرًا فِيْ مُخَاصَمَةٍ
إِنَّ البَعُوْضَةَ تُدْمِيْ مُقْلَةَ الأَسَدِ
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره
إذا استوت عنده الأنوار والظلم
ومن تفكر في الدنيا ومهجته
أقامه الفكر بين العجز والتعب
فما ينفع الأسد الحياء من الطوى
ولا تتقى حتى تكن ضوارياً
جوعان يأكل من زادي ويمسكني
لكي يقال عظيم القدر مقصود
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
تُرِيْدِيْنَ لُقْيَانَ المَعَالِيَ رَخِيْصَةً
ولَا بُدَّ دُوْنَ الشَهْدِ مِنْ إِبَرِ النَحْلِ
فما ينفع الأسد الحياء من الطوى
ولا تتقى حتى تكن ضواريا
مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ
تَجْرِيْ الرِيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِيْ السُفُنُ
في الغزل
وعذلت أهل العشق حتى ذقته
فعجبت كيف يموت من لا يعشق
وعرفت ذنبي في الهوى أنني عيرت
هم فلقيت منه ما لقوا
ما بَالُهُ لَاحَظْتُهُ فَتَضَرَّجَت
وَجَنَاتُهُ وَفُؤَادِيَ المَجْرُوْحُ
وَرَمَى وَمَا رَمَتَا يَدَاهُ فَصَابَنِي
سَهْمٌ يُعَذِّبُ وَالسِهَامُ تُرِيْحُ
بِفَرْعٍ يُعِيْدُ اللَيْلَ والصُبْحُ نَيِّرُ
وَوَجْهٌ يُعِيْدُ الصُبْحَ واللَيْلُ مُظْلِمُ
وَمَتَى تَزُرْ قَوْمَ مَنْ تَهْوَى زِيَارَتَهَا
لَا يُتْحِفُوْكَ بِغَيْرِ البِيْضِ وَالأَسَلِ
وَالهَجْرُ أَقْتَلُ لِيْ مِمَّا أُرَاقِبُهُ
أَنَا الغَرِيْقُ فَمَا خَوْفِيْ مِنَ البَلَلِ
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ
أَقفَرتِ أَنتِ وَهُنَّ مِنكِ أَواهِلُ
ان قارئ الابيات سيرى شعري
وقد لبث في الليل اركانافي الإحسان
وَقّيَّدْتُ نفسي في ذراك محبةً
ومن وجدَ الإِحسانَ قيداً تقيدا
إِذَا الجُوْدُ لَمْ يُرْزَقْ خَلَاصًا مِنَ الأَذَى
فَلَا الحَمْدُ مَكْسُوْبًا وَلَا المَالُ بَاقِيَا
في الكرامة وعزة النفس
عِشْ عَزِيزًا أوْ مُتْ وأنْتَ كَريمٌ
بَيْنَ طَعْنِ القَنَا وَخَفْقِ البُنُودِ
فَاطْلُبْ العِزَّ فِي لَظَى وَ دَعْ الذُّلَّ
وَلَوْ كَانَ فِي جِنَانِ الخُلُودِ
في الحُمَّى
وَزَائِرَتِي كَأَنَّ بِهَا حَيَاءُ
فَلَيْسَ تَزُوْرُ إِلا فِي الظَلَامِ
بَذَلْتُ لَهَا المَطَارِفَ وَالحَشَايَا
فَعَافَتْهَا وباتت فِي عِظَامِي
في الهوان
مَن يهُن يسهُل الهوانُ عليهُ
ما لجرحٍ بميّتٍ إيلامُ
في الطموح
إذا غامرتَ في شرفٍ مَرُومٍ
فلا تقنع بما دون النجومِ
في الفرق بين الكريم واللئيم
إذا أنت أكرمت الكريم ملكتَهُ
وإن أنت أكرَمت اللئيم تمرّدا
في الحثّ على الشجاعة والاقدام
وإذا لم يكن من الموت بدٌ
فمن العجز أن تموتَ جبانا
في الكتاب
أعزُّ مكان في الدنى سرجُ سابحٍ
وخير جليسٍ في الأنام كتابُ
خير المحادِثِ والجليس كتابُ
تخلو به إن ملّك الأصحاب
كتابي لا يُباع ولا يُعار
لأن إعارة المحبوب عارُ؟
في حسن الرّأي
الرأي قبل شجاعة الشجعان
هو أوّلٌ وهي المحلّ الثاني
في الظن
اذا ساء فعلُ المرء ساءت ظنونُه
وصدّقَ ما يعتدُه من توهّم
في الآداب
حرّض بنيك على الآداب في الصّغر
كيما تقرّ بهم عيناك في الكبر
في الصديق
شرّ البلاد مكان لا صديق به
وشرّ ما يُكسب الإنسانُ ما يَصِمُ
ومن نكد الدّنيا على الحرّ أن يرى
عدوًا له ما من صداقته بدٌ
ومن العداوة ما ينالك نفعُه
ومن الصداقة ما يضرّ ويؤلم
احذر عدوّك مرة
واحذر صديقك ألف مرّة؟
إرسال تعليق